” حمي الحب “
بقلم – د. أسما الصيفي :
” حمى الحب ” هي نوع من حمى المعرفة واستكشاف المجهول والجري وراء المطلق !
ومن روائع الرافعي : الحبُّ بعضُ الإيمان : وكما أنَّ الطريق إلى الجنة من الإيمان بكلِّ قوى النفس ؛ فإنَّ الطريق إلى الحبِّ من قوةٍ لا تنقص عن الإيمان إلا قليلاً ؛ والخطوة التي تقطع مسافةً قصيرةً إلى القلب، تقطع مسافةً طويلةً إلى السماء !!!!
ولذلك فإن ” أغلى هدية ممكن تهديها لحد بتحبه هي وقتك مفيش هدية أغلى من الوقت ،، لأنك وإنت بتمنحه اللحظات دي إنت كده بتهديه جزء من عُمرك ، المُهم إنك تختار بعناية الشخص اللي يستاهل الجُزء ده من عُمرك ،، لأن العمر ده مش هيتعوّض ولا هتقدر ترجّعه تاني … لأن أكبر هدية ممكن تحصل عليها … إنك تلاقي إنسان فعلاً مستعدّ يضيع أجزاء كتيرة من وقته في سبيل إنه يكون معاك وبس … إنسان ما يضيّعش لحظة من غير ما يطّمنّك بقُربه وإحتواءه ويطمّن بيك وبوجودك معاه … فكل إمرأة لديها ذلك الرجل الذي يترك أثرًا لا يُمحى في حياتها.
فقد اعترفت كل واحدة منهن مرة واحدة على الأقل بأن هناك شخصًا في عالم الظل ، رجلًا يجعل ركبتيها ترتجفان ، وتطير الفراشات في معدتها ، وتلمع عيناها ببريق خاص ، وتظهر عليها ” أعراض” حمى الحب … فقد تكون هذه العلاقات ، مثل المكعب المسحور ، لا تنتهي بنتيجة منطقية . فهو ليس رجلك ، لكنه كان دائمًا هناك … منذ تلك اللحظة التي إلتقت فيها عيناكما وجرى أول تيار كهربائي في راحة يدك .
ولذلك تصبح هذه العلاقة مثل التشابك الكيميائي . أنتما مثل مجسمين ، بعد أن إلتقيا ببعضهما ، ظلا متصلين إلى الأبد .
حتى لو أرسلكما القدر والظروف إلى نهايات مختلفة من الكون ، ستظلان محتفظين بسر هذا الاتصال السحري الذي لا يمكن تفسيره ، حيث تكون كل مواجهة مع هذا الرجل هي بمثابة الاقتراب من نجم نووي ، لا ترى ولا تسمع ولا تشعر بشيء إلا به وبنبضه ، فقد أقسمتما مليون مرة ألا تكتبا لبعضكما ، ولكن حتماً جاءت اللحظة التي تخترق فيها رسالة أحدكما أدغال الإنترنت … لكي تتلاشى كل الأفكار إلا ” هو “، إنه مثل المخدرات ، حيث يرتفع الدوبامين ، ويتم إيقاف تشغيل مناطق الدماغ المسؤولة عن العقل .
ولذلك فإن الاتكاء على قيم الحب الثلاث «الحميمية والارتباط والشغف» ، يُنبئ عن امتلاء بالألفة والسكينة ، فالاستمرارية وأهداف الاستدامة ركيزة يقوم عليها الحب ، وتبادل المشاعر والعبارات والهدايا تكسر رتابة العلاقات والتعايش .
إذا لا يمكن أن يكون الحب عبارة دارجة ، يُزهقها حمقى الانتهازية والأنانية والغلظة ، فالتضحيات بكل أشكالها أصدق وسائل التعبير عن الحب الذي هو رعشة الحمى والحضور ، كلما اكتمل الغياب ، وهو الأعمى الذي يبصر ما لا يراه المبصرون .
وفي شهر فبراير من كل عام جديد ، تحتفلون فيه بيوم الحب ، أوصيكم بأن لا تلتهموا الحب بل استطعموه ، تهادوه كلما اختنقت السماء بغربان البؤس ، وإذا اكتظت الأرض بأسراب الجراد .